القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار

مبـدأ الشرعيــة في قانون العقوبات

مبـدأ الشرعيــة  في قانون العقوبات

خطة البحث
مقدمة
المبحث الأول : مفهـــوم مبـــدأ الشرعيــة
المطلب الأول: نشأة مبدأ الشرعية وتطوره
الفرع الأول : مبدأ الشرعية في الشريعة الإسلامية
الفرع الثاني : مبــدأ الشرعيــة فـي أوروبــا
الفرع الثالث : مبدأ الشرعية في الدستور وقانون العقوبات الجزائريين
المطلب الثاني : تعريــف مبــــدأ الشرعيــة
الفرعالأول : الدعامة الدستورية لمبدأ الشرعية الجزائية
الفرع الثاني : الدعامة السياسية لمبدا الشرعية الجزائية
المبحث الثاني : أهميــة مبــدأ الشرعيــة ونتائجـه
المطلب الأول : أهمية مبدأ الشرعية الجزائية
الفرع الأول : ضمان الحقوق و الحريات الفردية في إطار النظام الاجتماعي
الفرع الثاني : وضــع حــدود التجريــم
الفرع الثالث : وضـــع حــدي العقوبـــة
الفرع الرابع :احترام القاضي لمبدأ الفصل بين السلطات
الفرع الخامس : تناسب العقوبة مع جسامة الجريمة
المطلب الثاني : نتائــج مبـــدأ الشرعيــة
الفرع الأول :اعتبار التشريع هو المصدر الوحيد للتجريم و العقاب
الفرع الثاني : التفسيــر الضيــق للنــص الجزائـــي
الفرع الثالث : حظــــر القيـــــاس
الفرع الرابع : حظر تطبيق نصوص التجريم و العقاب بأثر رجعي
الخاتمة .
                                                                                                        
مقدمة

سادت البشرية فترة طويلة من الزمن كانت مشيئة الحاكم وإرادته هي القانون ،إزاء حكم مطلق وحكام وملوك مستبدين يزعمون أن إرادتهم مستمدة من إرادة هللا ،فهم يحتكرون لأنفسهم السيادة المطلقة على أفراد الجماعات التي يحكمونها ، فيفصلون في نزاعاتهم الجنائية والمدنية كما يهووا ويشاءوادون الالتزام بأية قاعدة ثابتة وهؤلاء الحكام يتحكمون في تحديد الجرائم وتعيين عقوباتها ،ويعتبرون الفعل جريمة ولو لم يكن قد نص على تجريمه ،ويعاقبون بأية عقوبة حتى ولو لم يكن منصوصا عليها وفي ظل هذا النظام الاستبدادي الممارس من قبل الحكام والملوك تجاه الافراد لم يكن من الممكن صيانة حقوق الافراد وحرياتهم، أو وضع حد لهاته السلطة المستبدة ،حيث لم يكن الوقت مواتيا لظهور مبدأ يعبر عن سيادة القانون ولكن بتناقص الطغيان والاستبداد وظهور الدولة القانونية بمفهومها الحديث اخذ مبدأ الشرعية في البروز كمبدأ يعبر عن حرية الافراد في ممارسة حقوقهم ،وتدعيما لديمقراطية الحكم وتعبيرا عن مبدأ الفصل بين السلطات وذلك بعد أن انهارت الانظمة القديمة التي كانت ال تفرق بين إرادة الحاكم والقانون .فماهو مفهوم مبدأ الشرعية؟ و ما هي ضوابطه و استثناءاته ؟
حيث ولمعالجة هذه الاشكاليةتطرقنا في بحثنا الى اتباع المنهج الوصفي الاستقرائي قسمنا بحثنا الى مبحثين :

المبحث الأول : مفهـــوم مبـــدأ الشرعيــة
المبحث الثاني : أهميــة مبــدأ الشرعيــة ونتائجـه

المطلب الأول:  نشأة مبدأ الشرعية وتطوره 
لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات جذور تاريخية بعيدة،وهو احد مبادئ التشريع الجنائي الاسلامي إذورد النص عليه في القران الكريم وتضمنته السنة النبوية الشريفة ،واعترفت به الاصولية في الفقهالاسلامي، وقد جاء النص عليه في وثيقة العهد(الماجيكارتا )  في انجلترا سنة 1216كما تضمنهإعلان الحقوق الامريكي الصادر في مقاطعة فيلادلفيا سنة1774قبيل سنوات من اندلاع الثورة الفرنسية،وعرف مع هذه الاخيرة قفزة نوعية بعدد أن تبناه رجال الثورة وأعطوه صياغة واضحة ومحددة في إعلان حقوق الانسان والمواطن الصادر سنة 1789 أبدت القوانين بعد ذلك إلى الاخذ به فنص عليه دستور الجمهورية الفرنسية بعد سقوط الملكية سنة 1783 في المادة 14 وأعيد النص عليه في قانون نابليون وانتشر بعد ذلك المبدأ ونصت عليه دساتير الدول وقوانينها العقابية وأيدته المؤتمرات الدولية وتبنته منظمة الامم المتحدة في إعلان حقوق الانسان الصادر في 10/12/1984في المادة 11منه.

الفرع الأول : مبدأ الشرعية في الشريعة الإسلامية
عرفت الشريعة الإسلامية هذا المبدأ منذ ما يزيد عن أربعة عشرة قرنا،والأدلة فيها على تقرير المبدأ كثيرة سواء في نصوصها الأصلية او قواعدها العامة ،فكلها قاطعة في أن لا جريمة إلا بعد بيان ولا عقوبة إلا بعد إنذار وان الله لا يأخذ الناس بعقاب إلا بعد أن يبين لهم وينذرهم , ومن النصوص القرآنية الدالة على ذلك قوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}(الاسراء 15),وبالتالي حكمته سبحانه وتعالى قضت بان الله تعالى لا يعاقب احد من عباده إلا إذا  غ رسالته إليه وانذره بسوء العاقبة إن خالف،وبحسن العاقبة إن أطاع ولم يخالف. ومن القواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية انه "لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص ". وهناك قاعدة أساسية أخرى تقضي بان الأصل في الأشياء الإباحة "أي أن كل فعل او ترك مباح أصلا، بالإباحة الأصلية أما إذا لم يرد نص يقضي بذلك فلا مسؤولية ولا عقاب على الفاعل او التارك.

و تقسم الجرائم في الشريعة الإسلامية إلى أقسام ثلاثة هي :

أولا: جرائــــم الحــــدود
هي الجرائم التي حددت بنص شرعي من القران والسنة ووضعت لها عقوبات مقدرة حقا الله تعالى حددتها الشريعة بنوعها ومقدارها ّ  ولكونها حق الله تعالى فإنها لا تقبل الإسقاط لا من الأفرادولا من الجماعة وهذه الجرائم هي الزنا , القدف, وشرب الخمر, السرقة ,البغي , الردة.

ثانيا:جرائـــم القصـــاص والديــة
وهي حق للأفراد , و من ثم كان للمجني عليه او وليه العفو   لهاته الجرائم عقوبات محددة النوع عن العقوبة لأنها حقه , أما ولي الأمر فليس له ان يسقط عقوبة القصاص او الدية او يعفوا عن احدهما لأنه لا يملك اسقاط حقوق الله او الأفراد . 

ثالثا: جرائم التعزير
عرف الفقهاء التعزير بأنه تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود , وبالتالي فان جرائم التعزير ترك أمر تحديدها لولي الأمر او القاضي بما يتلاءم . ولعل أهم ما يترتب على التفرقة بين طوائف الجرائم السابقة هو أن  سلطة القاضي مقيدة في شأن ّ الطائفتين الأولى والثانية(جرائم الحدود و القصاص)بينما يتمتع القاضي بسلطة تقديرية  واسعة فيما يتعلقبجرائم الطائفة الثالثة (جرائم التعزير).

الفرع الثاني :مبــدأ الشرعيــة فـي أوروبــا
لقد كان المبدأ تتويجا لكفاح إنساني طويل ضد استبداد الحكام وتعسف القضاةوثمرة يانعة لجهودالمفكرين والمصلحين,الذين كرسوا جهودهم من اجل وضع حد لتحكم القضاة واستبداده في التجريم ّ و العقاب ,وكان الفيلسوف الفرنسي مونتيسكيو أول من دعا إلى الشرعية في كتابه "روح القوانين" سنة 1748حيث انتقد قسوة العقوبات و دعا إلى ضمان حرية المواطن ومساواته أمام القانون, وطالب باعتدالالعقوبات وعدالتها ووجوب الحكم بها من قبل سلطة قضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية وبمقتضىنصوص قانونية صريحة. في عهد الملك جون حينما أعلن بيد أن هناك من يرى إن الالتزام بمبدأ الشرعية قد ساد عام 1215 في المادة 29 من العهد الأعظم انه لايمكن توقيع عقوبة مدا على شخص حدر إلا إذا سبقها محاكمة قانونيةوطبقا لقانون البلاد.

ويضيفون أن المبدأ انتقلبعد ذلك إلى أمريكا ويقررون انه لم ينتشر في أوروبا حتى ّعام 1764 بعدما نادى به العلامةبيكاريافي كتابه "الجرائم و العقوبات " معتمدا فلسفة روسووبالخصوص نظرية العقد الاجتماعيمؤكدا بان القانون وحده الذي يحدد العقوبات المتناسبة مع الجرائموان سلطة التحديد هذه يملكها المشرع وحده الذي يجمع أفراد المجتمع بحكم العقد الاجتماعي حيث قال بيكاريا في كتابه "العمدة" "إذا لم تكن القوانين ثابتة ومدونة ,  وإذا كان من حق القاضي وحدده أن يقرر بانالفعل ضد القانون او مطابق له , وإذا كانت قاعدة الصواب والخطأ التدي يجدب أن توجده أفعال الشخصالجاهل والشخص المثقف وهي بالنسبة للقاضي موضوع عمل بسيط فالمواطن يصبح عبدا للقضاة لذا فان القوانين وحدها هي التي يجب أن تقرر العقوبات للجرائم ويمكن إسناد سلطة وضع هذه القوانين إلى المشرع فقط , والذي يمثل الجماعة المتضامنة المثقفة بمقتضى العقد الاجتماعي وليسللقاضي الذي هو جزء من الجماعة أن يضيف أي زيادة على العقوبة المقررة مسبقا للمجرم المواطن , برغم الحرص على  المنفعة العامة    أما "فيورباخ" فقد أضفى طابعا علميا على الغرض من العقوبة وفقا لنظريته في الإكراه النفسي حيث يرى أن وظيفة العقوبة هي أن تخلق لدى الأفراد بواعث مضادة للبواعث الإجرامية فأما تتوازن معها او تفوقها فتصرفهم عن الإجرام وقد تأكد هذا المبدأ في إعلان حقوق الإنسان المواطن سنة 1789حيث نصت المادة 5 منه على أنه لا يمنع الفرد من إتيان ما هو غير محظور بنص القانون و المادة  8 منه على انه لا يجوز معاقبة شخص إلا طبقا لقانون محدد وصادر قبل ارتكاب الفعل. ومنذ ذلكودخل هذا المبدأ إلى المجال التشريعي ثم أكده الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة1984 الحين التزمت الدول الديمقراطية بالنص على هذا المبدأ في دساتيرها وقوانينها العقابية وأيدته المؤتمرات الدولية.

الفرع الثالث : مبدأ الشرعية في الدستور وقانون العقوبات الجزائريين
جاء النص على مبدأ الشرعية الجزائية في القانون الجزائري من خلال الدساتير المختلفة التي عرفتهاالبلاد بدءا بدستور1963 ثم دستور1989 ثم دستور 1996 وسنفصل في هذه الامور خلال التعرض لمبدأ الشرعية في اطار الدستور الجزائري . كما أن هذا المبدأ قد تناولته القوانين التشريعية المختلفة و التي تنظم الدعوى العمومية وتحكم الجرائم و العقوبات كما سيأتي بيان ذلك من خلال دراسة المبدأ في قانون العقوبات الجزائري .

أولا:المبــدأ فــي الدستــور الجزائـري
وذلك في عدة نصوص ورد النص على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في دستورعام1996 وأكد على ضرورة احترامها ومنها نص المادة 29 التي تم تعديلها في التعديل الدستوري لسنة 2016 أصبحت 32 ونصت هده المادة على أن كل المواطنين سواسية امام القانون والمقصود بهاذه المادة أن المشرع بمجرد نصهعلى عقوبة  معينة فان هاته تصبح قابلة للتطبيق على كافةالأفراد الذين ارتكبوا الفعل الذي قررت من اجله العقوبة وبالتالي فلا يمكن أن تختلف العقوبة باختلاف أقدار الأفراد والطبقة الاجتماعية التدي ينتمون إليها  , وما نصت عليه المادة 40 في دستور 1996 و التي تم تغييرها في التعديل الدستوري لسنة 2016الى المادة 47 من ان تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن ،فلا تفتيش إلا بمقتضى القانون وفي إطار احترامه ولا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة حسب المادة لا يمكن انتهاك حرمة المنزل او تفتيشه إلا بقانون وفي حدود متمثلة في وجوب احترام ذلك المسكن بمن فيه ولذلك نص ق.إ.ج في هذا الصدد على أن التفتيش لا يمكن أن يكون بعدد الساعة الثامنةليلا او قبل الساعة الخامسة صباحا,وان يكون التفتيش بعد استظهار الإذن به وهذا الأخير يجدب أن يكدون صادرا عن سلطة قضائية مختصة ، كما نصت المادة 45 في دستور 1996 و التي تم تغييرها في التعديل الدستوري لسنة 2016 وأصبحت المادة 56 ،على ان كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته،مع محاكمة عادلة تؤمن له الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه .

ثانيا: في قانــون العقــوبات الجزائـري
نصت اغلب القوانين العقابية للدول فدي العالم على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ولعدل مدن بينهاالجزائر ، فمن خلال نص المادة  01 فلا جريمة ولا عقوبة ولا تدابير امدن بغير قانونوتنص هذه المادة صراحة على مبدأ الشرعية حيث انه لا يمكن تجريم فعل او معاقبة شخص على ارتكابه إلا إذا كان ذلك الفعل منصوص عليه ضمن الأفعال غير المشروعة، حتى يصبح لمعاقبة فاعله تبرير منطقي . ويشمل مبدأ الشرعية أيضا التدابير الأمنية والتي ظهرت نتيجة الإصلاحات كبديل للعقوبات التي أصبحت عاجزة عن ردع المجرم ،فلا يمكن توقيع التدابير الأمنية ما لم ينص عليها صراحة. ولا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه اقل شدة ، فتنص هاته المادة-2على  عدم رجعية القوانين وهو الأصل العام حيث لا يمكن معاقبة شخص على فعل كان مباحا ثم صدر قانون يقضي بتجريمه، والاستثناء الوارد على هاته القاعدة هو رجعية القوانين أي سريانها على وقائع وقعدت قبل نفاذها،ولكن يشترط أن تكون هاته القوانين اقل شدة أي في صالح المتهم. واما المادة3 فقد نصت على ان  يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التدي ترتكب على أراضيالجمهورية كما يطبق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكمالجزائية طبقا لقانون الإجراءات الجزائية.

المطلب الثاني : تعريــف مبــــدأ الشرعيــة
يقصد بمبدأ الشرعية حصر الجرائم والعقوبات في نصوص القانون المكتوب ،وذلك بتحديد الأفعال التي تعد جرائم وبيان أركانها من جهة ،وفرض العقوبات المقررة لها ونوعها ومدتها من جهة أخرى ،وعلى القاضي تطبيق ما يضعه المشرع من قواعد تشريعيةوقد صيغ هذا المبدأ بعبارة موجزة "لا   جريمة ولا عقوبة او تدابير امن بغير قانون "تضمنتها المادة الأولى من قانون العقوبات الجزائري ويعتبر مبدأ الشرعية مبدأ دستوريا يكفل الحماية للحقوق والحريات الفردية وذلك بألا يفر الجاني من الجزاء وان لا يدان البريء حيث تنص المادة 46 من دستور 1996 التي تم تغيرها في تعديل دستوري لسنة 2016 أصبحت 58 "لا إدانة إلا بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل المجرم وبالتالي فلا يملك القاضي أن يعاقب على فعل لم يجرمه المشرع ولا أن ينطق بعقوبة غير منصوص عليها في القانون.ولئن كان مبدأ الشرعية موجها بصفة أساسية  إلى السلطة القضائية على اعتبار انه من الناحية التاريخية كرد فعل على مظاهر التحكم والسلطة شبه المطلقة التي يتمتع بها القضاة آنذاك إلا أن هذا المبدأ يخاطب في حقيقته السلطات الثلاث التشريعية،التنفيذية والقضائية ، و عليه سنتعرض لتعريف مبدأ الشرعية الجزائية من خلال دراسة
الفرع الأول : الدعامة الدستورية لمبدأ الشرعية الجزائية
الفرع الثاني : الدعامة السياسية لمبدا الشرعية الجزائية

الفرع الأول : الدعامة الدستورية لمبدأ الشرعية الجزائية
فمبدأ الشرعية يقيد السلطة التشريعية وذلك يكون عن طريق إلزامها بتجريم الأفعال بمقتضى نصوص مفصلة تبين منهاعلى نحو كاف وعلى وجه الدقة كافة الأركان والعناصر اللازمة لقيام ّالجريمة وبالتالي عدم اللجوء إلى استخدام القوالب الحرة في التجريم ، تلك التي لا يحدد فيها بالدقة المطلوبة أركان و عناصر الجريمة . كما أن مبدأ ه ة يقيد السلطة التنفيذية فلا تملك ذه الأخيرة سلطة التجريم والعقاب إلا في الحدود ّ الشرعي القانونية المرخص لها بها فلا تملك أن تجرم فعلا وتعاقب عليه إلا بمقتضى ما هو معترف لها من سلطة    إصدار التشريعيات لّ سلطة رئيس الدولة المخولة له بمقتضى الدستور او عن طريق اللوائح حيث خو له القانون سلطة تشريعية استثنايةو محددة و لكن هذا لم يمنع القول من أن التفويض التشريعي الممنوح ّ ة ومحد ّ ثنائي للسلطة التنفيذية في مجال إنشاء الجرائم والعقوبات هو أمر غير مرغوب فيه, غني عن البيان ما يرتبه مبدأ الشرعية من قيود في مواجهة السلطة القضائية ،بل إن هذه الأخيرة هي المعنية في المقام الأول في مجال تطبيق هذا المبدأ ّفلا يجوز للقاضي أن يحكم بعقوبة تتجاوز في مقدارها الحد الأقصى للعقوبة كما هو منصوص عليها في القانون , كما لا يجوز كذلك أن يحكم القضاءبعقوبة تقل في مقدارها عن الحد الادنى المنصوص عليه قانونيا متى كانت المحكمة لم تبين في حكمها توافر  ظرف قضائي مخفف في جانب المحكوم عليه.

الفرع الثاني : الدعامة السياسية لمبدا الشرعية الجزائية
أما الدعامة الثنائية فمنشؤها اعتبارات سياسية انبثقت في أوروبا في بداية القرن 18 وساد في نهايتةوفي خلال القرن19على إثر ظهور الفكر الليبرالي  فقد كان القضاة يملكون سلطة تشريعية حقيقية في مجال التجريم و العقاب , حيث كان مرد قانون العقوبات إلى ضمير القاضي وغالبا ما تختلف العقوبات باختلاف الوضع الاجتماعي للشخص. وكان لظهور المذهب الليبرالي واستلام الطبقة البرجوازية للسلطة ّالسياسية أثر في انتزاع سلطة التجريم والعقاب من قبضة القضاة وإناطتها بممثلي الأمة تحقيقا لفكرة سيادة الأمة وإعلاء لكلمة الحرية الفردية. لذلك فالمبدأ المتقدم هو ربيب الفكر الليبرالي ،وكان من نتائجه عدم قابلية العرف لأن يكدون مصدرا للتجريم والعقاب ،لأنه خلق القاضي(السوابق القضائية)وهي سلطة جردت منه .إلا أن التخفيف من غلوائه بدأ يعمل عمله كلما كان ذلك ضمانا لمصلحة الفرد و حريته ، اذا يجوز تطبيق القياس والعرف وتطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي.والمصلحة الفردية ليست هي المبرر الوحيد لعدم التقيد بحرفية المبدأ بدل إن المصلحة العامة هي الأخرى تكون من باب أولى مبرر لعدم التقيد به غالبا ما تعتمد التشريعات الوطنية نصوصا مطاطة , من ذلك عبارات التدليس , ضد المصلحة العامة , ضد اللباقة و الحشمة بصورة منافية لآداب المجتمع .

الغراء قد عرفت هذا المبدأ منذ ما يزيدونشير الى انه وكما سيتقدم شرحه الى أن الشريعة الاسلامية عن 14 قرنا من خلال نصوص متعددة وردت في القران الكريم كقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث  رسولا } (الاسراء15) وأحاديث نبوية شريفة تؤكده،وأقوال فقهاء الشريعة الاسلامية وقواعدها العامة ومن أمثلة هذه الأخيرة إن الأصل في الأشياء الإباحة , وانه لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص . ومما تجدر الإشارة إليه أن التشريع الجنائي الإسلامي لا يسري بأثر رجعي وهذا واضح من خلال   قوله سبحانه وتعالى{عفا الله عما سلف, ومن عاد فينتقم الله منه} (المائدة95)

المبحث الثاني : أهميــة مبــدأ الشرعيــة ونتائجـه
يعتبر مبدأ الشرعية احدد أهدم الأعمدة التدي تقوم عليها الدولة الديمقراطية فهو يضمن حمايدة حقوق الأفراد وحرياتهم من أي تعسف من قبل الحكام او القضاة من جهة، ويكفل من جهة أخرى حماية المجتمععن طريق معاقبة الجناة و هذا هو المفهوم الضيق لمدلول مبدأ الشرعية الجزائية. ويترتب على تطبيق هذا المبدأ عدة نتائج مهمة وهذا ما سنوضحه من خلال المطلبين التالين:
المطلب الأول : أهمية مبدأ الشرعية الجزائية
المطلب الثاني : نتائــج مبـــدأ الشرعيــة

المطلب الأول : أهمية مبدأ الشرعية الجزائية
يعتبر مبدأ الشرعية من أهم القواعد الدستورية التي يجب على سلطات الدولة احترامها و العملبمقتضاها
و تبرز هذه الأهمية من خلال عدة خصائص أهمها:

الفرع الاول: : ضمان الحقوق و الحريات الفردية في إطار النظام الاجتماعي
ستمد مبدأ الشرعية أهميته مدن حيث انه يعتبر من الضمانات المهمة المقررة للحقوق و الحريات الفردية من جهة أخرى ، و يشكل حماية للمجتمع من جهة أخرى ، ففي ظل هذا المبدأ يؤمن الفرد من جانب السلطات العامة التي لا تستطيع أن تحاسبه إلا بموجب النص القانوني ، بعدد أن تبين له ما هو المحظور عليه عمله و في ذلك صيانة للحريات الفردية من تعسف السلطات العامة .فالمبدأ يعتبر السياج الذي يحمي الفرد و حقوقه من طغيان السلطة.

أما حمايته للمجتمع ، فتبدأ من حيث أن للقاعدة الجنائية دورها الوقائي فيمنع الجريمة ، فحيث تبدو الأوامر واضحة و العقاب محدد يمتنع الأفراد عن مقارفة الإجرام أي انه يضفي حماية مزدوجة حمايةللمجني عليه من حيث ضمان حقوقه ، و حماية للجاني من حيث عدم إمكان تجريم السلوكات التي يأتيها والعقاب عليها إلا إذا كان هناك نص تشريعي يصفها بهذا الوصف و يعاقب عليها ، فلا يجوز العقاب إلا بما يقرره القانون من عقوبات.

الفرع الثاني : وضــع حــدود التجريــم
و ذلك عدن طريق رسميضع هذا المبدأ حدا بين الأفعال المشروعة و الأفعال غير المشروعة, الحدود الفاصلة بين ما يعتبر في نظر المشرع سلوكات جديرة بالتجريم و العقاب لأنها تمس بأمن الجماعةو استقرارها و سكينتها و كيانها، وبين ما لا يعتبر كذلك من الأفعال المباحة طبقا للقاعدة العامة القائلة بانالأصل العام في الأشياء هو الإباحة.

الفرع الثالث : وضـــع حــدي العقوبـــة
يعطي مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات أساسا قانونيا للعقوبة حيث يجعلها معقولة لدى الرأي  العام باعتبارهاباعتبارها  توقع  لمصلحة المجتمع اذ أنها توقع باسم القانون . والشخصية"   و تخضع العقوبات الجزائية إلى مبدئي الشرعيةحيث تنص المادة 160 من الدستور " فلا تترك لأهواء الأفراد بحيث أن القاضي ملزم قانونا بالقضاء , والحكم بالعقوبة التييقررهدا القانون و هي حدود ما يخوله من سلطة تقديرية فلا يقضي إلا بما حدده القانون و حتى فددي المجالات التي يسمح له القانون باستعمال سلطته التقديرية فدان المشرع قد قيده بنظام قانوني يندرج فيتخفيفه بحسب ما نصت عليه المادة 53 من قانون العقوبات .    وهذا ما يعني أن المبدأ يرتبط بمبدأين أساسيين من مبادئ الدولة الحديثة و هما مبدأ سيادة القانونو مبدأ الفصل بين السلطات ، فالدولة الحديثة على اختلاف أشكالها  تعتبر نفسها دولة قانونية ، أي تعترف بسيادةالقانون كأحد اهمم الدعائم الدستورية الكبرى في نظام الدولة الديمقراطية, و معناها التزام الحاكمو المحكوم بقاعدة القانون فإذا كان هذا الأخير يطبقعلى أفراد المجتمع فهو يطبق أيضا على جميعأجهزة الدولة و هو الحكم بين تصرفات الدولة و تصرفات الأفراد العاديين ، فأسداس العقاب هو الخروجعن مبدأ الشرعية ، كما يستند حق الدولة في العقاب إلى القانون بعيدا عن التعسف و الطغيان، ويدعم هذا المبدأ الفصل بين السلطات حيث يظهر في المجدال العقابي انه مبدأ يقيم حاجز بين سلطاتالدولة الثلاث فلا يسمح بافتئات إحداهما على الأخرى.

الفرع الرابع :احترام القاضي لمبدأ الفصل بين السلطات
إن القاعدة الجنائية الموضوعة من قبل المشرع موجهة للقاضي الجزائي لتطبيقها، فيمتنع عليه طبقالمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات أن يجرم ما لم يجرمه المشرع و منه القانون أو يعاقب بما لم يقرره هذاالأخير فيمتنع عليه استعمال القياس في المجدال الجنائي فال يقيس فعلا غير مجرم فيضفي على الأولوصف الجريمة نتيجة استعمال القياس ، كما يمتنع عليه التفسير الذي من شانه أن يوسع من مدلول النصالتجريمي فيدخل في نطاقه ما لم يقدر المشرع ، لان مثل هذا التفسير يعتبر خرقا لمبدأ الشرعية والقاضي ملزم بتطبيق المبدأ القانوني الذي يقضي بان الشك يفسر لصالح المتهم متى ظهر أي التباس أو غموض في مضمون النص .

الفرع الخامس : تناسب العقوبة مع جسامة الجريمة
يستمد هذا المبدأ أيضا أهميته مدن كونه مصدر أمان و ضمان أكيد للمجرم مدن احتمال تطبيق أيعقوبة قاسية ووحشية لا تتناسب و جسامة الخطأ أو الجريمة التي ارتكبها أو تتجوز العقوبة المبينة فيالنص. غير أن مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات لم يسلم من النقد ، حيث قيل انه مبدأ رجعي و جامد  يجعلناعبيدا للنص الوضعي و يفسح مجالا للمجرمين في التهرب من المسؤولية الجزائية، فالمشرع   لا يستطيعأن يحدد سلفا كل الأفعال الخطرة الواجب حصرها و تجريمها و بالتالي فان المبدأ من جهة يجافي فيكثير من الأحيان قواعد الأخلاق و يقصر من حماية مصالح المجتمع، و أن المشرع قد ينتبه إلى ذلك بعدأن يكون قد عبث العابثون بمصالح المجتمع لان هؤلاء الأخيرين يعرفون نصوص القانون ويستفيدون من تلك المعرفة لارتكاب أفعال غير منصوص على اعتبارها جرائم مدع أنها تثير الضمير العاممما يؤدي إلى إفلاتهم من العقوبات رغم إضرارهم بالمجتمع و مخالفتهم للأخلاق و قال بهذا النقدفقهاء القانون الألماني إبان الحكم النازي و فقهاء القانون السوفياتي بغرض حماية المجتمع من الأفعالالضارة بحيث يعد الفعل جريمة حسبهم إذا اضر بالمصالح الأساسية للمجتمع حتى رغم وجدود النصالتشريعي ، و تطبيقا لهذا الفكر القانونينص قانون العقوبات للجمهورية السوفياتية الاشتراكية الاتحاديةلروسيا الصادر في 22/11/1926 و الذي يبدو قد تأثر إلى حد ما بمشروع قانون العقوبات الايطاليالذي وضعه فيري .

وقد رد أنصار المدرسة التقليدية الحديثة على هذا النقد فذكروا إن تحقيق العدالة يقتضي أن يأخذالقاضي في اعتباره شخصية الجاني حين توقيع العقوبة فتطبيق عقوبة واحدة على فاعلين يختلف كل منهافي الدوافع و الأسباب التي أدت إلى ارتكاب الجريمة لا يؤدي إلى تحقيق العدالة ، فقد يرتكب شخصجريمة السرقة لإحضار الدواء لابنه المريض بينما يرتكب آخر سرقة ليلعب القمار فليس من العدالةالمساواة بينهما في العقوبة  و لذلك فان إدخال العناصر الشخصية في تقدير العقوبة ليس فيده إهدار لمبدأالشرعية و إنما يحقق تفريد العقوبة، و قدد سايرت التشريعات المختلفة الاتجاهات الحديثة في تفريدالعقاب دون إهدار لمبدأ الشرعية فنصت على عقوبات تتراوح بين حدين  أقصى و أدنى ، و تركتللقاضي أن يختار العقوبة المناسبة بالنسبة للفاعل من بين أكثر دن عقوبة منصوص عليها للجريمةالمقترفة ، و أخذت بنظام الظروف المخففة و بنظام وقف تنفيذ العقوبة و نظام الاختيار القضائي و لهذاأبطلت الاتجاهات الحديثة ، فدي التشريعات و الفقه الجنائي حجة المدرسة الوضعية حين أجازت تفريدالعقوبة في نطاق شرعية الجرائم و العقوبات.

المطلب الثاني : نتائــج مبـــدأ الشرعيــة
لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات أهمية بالغة ، و لهذا حرصت الدساتير و القوانين على تكريسه و النص عليه و تولي المؤلفات الفقهية عناية لمبدأ الشرعية بدل و تعتبره أهم المبادئ في مجال القانون الجنائي و أصبح من المؤكد اليوم أن لمبدأ الشرعية نتائج هامة غير مذكورة يسلم بها الفقه و يأخذهاالقضاء بعين الاعتبار و يمكن إجمال هذه النتائج فيما يليمن خلال الفقرات التالية:

الفرع الأول :اعتبار التشريع هو المصدر الوحيد للتجريم و العقاب
اعتبار التشريع المصدر الوحيد في مجال التحريم و العقاب يقتضي مبدأ لا جريمة و لا عقوبة إلابقانون اعتبار هذا الأخير وحده مصدر للجرائم و العقوبات، و خلافا لما كان يؤدي إليه نظام التعزيزفي التشريع الجنائي الإسلامي فالمبدأ على هذا النحو يستبعد سائر المصادر المألوفة الأخرى كأحكاملشريعة و العرف و مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالةو عليه فان مصدر التجريم يجب أنينحصر في نطاق النصوص القانونية المكتوبة التي تقوم بوضعها السلطة المختصة بالتشريع و ذلك تطبيقللنصوص الدستورية و القانونية حيث تنص المادة الأولى من قانون العقوبات الجزائري على " لا جريمةو لا عقوبة أو تدابير امن بغير قانون"

الفرع الثاني : التفسيــر الضيــق للنــص الجزائـــي
وجوب التفسير الصارم و الكاشف للنصوص الجزائية التفسير عملية ذهنية يهدف المفسر منها الكشفعن حقيقة ارادة المشرع و تحديد مضمون من خلال الألفاظ و العبارات الواردة في القاعدة القانونيةالمراد تفسيرها  .و يتنوع التفسير بحسب مصدر إلى تفسير تشريعي و قضائي و فقهي ، و يحسب أسلوبهإلى تفسير لغوي و آخر منطقي,  و بحسب ماهو نتائجه إلى تفسير مقرر أو كاشف و تفسير مضيق وتفسير موسع بطريق القياسو التفسير أيا كان نوعه باستثناء التفسير بطريق القياس يهدف إلى الكشفعن مضمون الإرادة الحقيقية للمشرع من خلال ألفاظ و عبارات النص المرادتفسيره. فالتفسير التشريعي و الذي يسمى أيضا بالتفسير الحقيقي أو الأصلي قد يأتي في صورة نصمستقل لاحق على صدور النص التجريمي و يهدف به المشرع إلى إجلاء الغموض الذي لازم النصالصادر عنه فيصدر في شكل تشريع لفك غموض النصوص

الفرع الثالث : حظــــر القيـــــاس
القياس هو وسيلة عملية تهدف إلى استكمال ما يشوب القانون من نقص عن طريق إيجاد الحل لمسالة مماثلة لها  .و على هذا النحو فان القياس ليس وسيلة لاستخلاص إدارة القانون في إطار الصيغة التياستعملها ، بل انه يفترض أن القانون لم ينظم المسالة محل البحث و لم يقم لها مباشرة الحل الواجب التطبيق و لا شك أن مبدأ الشرعية يحول دون القياس على نصوص التجريم  فلا يجوز للقاضي أن يجرم فعلا لم يرد نص بتجريمه قياسا على فعل ورد نص بتجريمه بحجة تشابه الفعلين ، أو يكون العقاب في  الحالتين يحقق نفس المصلحة الاجتماعية مما يقضي تقرير عقوبة الثاني على الأول لان في ذلك اعتداء صريح على مبدأ الشرعية فلا يستطيع القاضي فعلا أن يقيس فعل الاستيلاء على المنفعة على فعل الاختلاس و يعتبر من يحصل على منفعة شيء مملوك لغيره و بدون وجه حق سارقا و لا يستطيع أن يقيس على إحدى وسائل التدليس التي نص عليها القانون (م372 ق ع )وسيلة لم يرد بها نص و يعتبر من يستولي على مال الغير عن طريق هذه الوسيلة مرتكبا جريمة النصب .
وحظر القياس لا يعني حظر التفسير الواسعو لكن التمييز بينهما عسير و قد اختلفت الآراء فيتفسير بعض النصوص فيما إذا كان القول بحكم معين هو ثمرة القياس أو ثمرة التفسير الواسع .و يرىأن معيار التميز بينهما هو دخول الحكم في نطاق نص التجريم أو خروجه عنه و توضيحا لذلك تقرر أن لنص التجريم نطاقا يحدده المفسر وفقا لما يراه مطابقا لقصد الشارع ، فان دخل الفعل في هذا النطاق فانالقول بتجريمه لن يكون على أساس من القياس و لو حدد هذا النطاق على نحو متسع ، أما إذا سلم المفسربخروجه على هذا النطاق على نحو متسع ، أما إذا سلم المفسر بخروجه على هذا النطاق و قال مع ذلك بتجريمه طبقا للنص نفسه فذلك قياس محظور.

الفرع الرابع : حظر تطبيق نصوص التجريم و العقاب بأثر رجعي
إن النصوص التشريعية ليست أبدية و هدي قابلة للتغيير بل يجب أن تكون متغيرة لمجابهة التطورالذي يحدث في العلاقات الاجتماعية  .لذلك فان النص الجنائي شانه في ذلك شان النصوص الأخرى ينشافي لحظة معينة و يسري إبتدءامن هذه اللحظة ثم ينقضي هذا النص في زمن معين عند إلغائه، فلاسلطان للنص قبل اللحظة الأولى و لا بعد اللحظة الثانية. و إنما يسري مفعوله و يصلح بين اللحظتين ، و يحدد الدستور لحظة العمل بالقانون فيشترط النشر بعدالإصدار و بعد النشر يصبح القانون نافذ المفعول و يكسب سلطانه حتى لحظة إلغائه  و هذا الأخير قديكون صريحا ضمنيا،والإلغاء يكون صريحا إذا جاء في القانون الجديد نص يقرر صراحة إلغاء النصالقديم ،كنص المادة 468 من قانون العقوبات التي تنص : " " :تلغى الأحكام المخالفة لهذا الأمر..." وقد يكون الإلغاء ضمنيا عن طريق تنظيم القانون لواقعهواحدة بقانونين متلاحقين مما يفهم معه أنلنص الجديد يلغي النص القديم. حيث نص المشرع الجزائري في المادة02من قانون العقوبات علىانه  "لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كدن منه اقل شدة  "و يعني هذا بلغة الفقه وجوبتطبيق القانون الأصلح للمتهم ، و يرى الفقهاء أن تطبيق القانون الجديد الأصلح للمتهم لا يعتبر اعتداءعلى مبدأ الشرعية طالما أن تطبيقه لا ينطوي على إهدار للحريات.

الخاتمة:

و ختاما نقول أنه على الرغم من الانتقادات الموجهة لمبدأ الشرعية في الجرائم إلا أنه مازال صامداً إلى وقتنا الحالي ويجد تطبيقاً له في كثير من الدول بل اعتبره بعض الدول من المبادئ الدستورية ونص عليه في دساتيرها

نظراً للأهمية العملية لهذا المبدأ سواء بالنسبة للأفراد أو للقضاء فأما بالنسبة للأفراد تمثل هذا المبدأ إنذار مسبق للعلم بالأفعال المجرمة والعقوبة المقررة لها وبالتالي ترك الحرية للأفراد بإتيان الأفعال الغير منصوصة عليه . أما بالنسبة للقضاء فإنهم يجدون في مبدأ الشرعية الأساس القانوني لتجريم الأفعال وتحديد العقوبات . فضلاً على أنه أفضل حل لمنع تسلط القضاة في الأحكام

تعليقات